استثمار التقنية في تقوية العلاقة بالابناء

أعجبتني مقولة لأحد التربويين قال ( إذا كبر ابنك صادقه فإذا كان عنده حساب في تويتر وانستقرام وفيسبوك وغيرها اعمل لك حساب في نفس هذه البرامج وصادقه ...إلخ كلامه ) ومن تأمل في طبيعة العلاقة بين
جيل الأبناء والآباء في هذا الوقت يجد فجوة كبيرة سببتها التقنية الحديثة .. فهل نحارب التقنية وننتزعها من أيدي أولادنا وبناتنا ؟ أم نصادق التقنية ونواكبها ونعلم أبناءنا وبناتنا حسن استثمارها والاستفادة منها وتزداد علاقتنا من خلالها ؟
كثير من البيوت أصبحت تشتكي من جفوة حاصلة بين الوالدين وبين أبنائهم وكلما سألت ما السبب قالوا (اشغلت هذه الأجهزة الأبناء عن مجالسة آبائهم وأمهاتهم ) وإذا اجتمع الآباء في ديوانياتهم والأمهات في دورياتهم المنزلية يكون الحديث الأكثر تداولا هو

التسخط من وضع الأجهزة وسيطرتها على حياة الأبناء ! اذن يوجد مشكلة لابد لها من حل جذري ومن وجهة نظري أن الحل بيدنا نحن الآباء والأمهات .. فبدل أن نسب الظلام لماذا لا نوقد الشموع ..(تفاءلوا بالخير تجدوه ) .
الأم والأب هما ينبوع العطاء في كل شيء فما بال كثير من الأمهات والآباء أصبح همهم الأخذ فقط يريدون أبناء بارين وهم لم يعلموهم البر والعطاء ، يريدون أبناء يجلسون معهم ويؤنسون وحشتهم وهم السبب في تنفيرهم ، نريد من الأبناء اللطف وحسن الحوار واللباقة ونحن نصرخ في وجوههم ونكسر من شخصيتهم ونهين كرامتهم في اليوم عدة مرات !! ..أعلم أنني بهذا الكلام لن أعجب البعض وسيقولون الأبناء والبنات مأمورون ببر الوالدين وطاعتهما، نعم كلام صحيح ، لكن ليس بهذه العقلية الاستعبادية التي يمارسها البعض ، أيضا أنتم أيها الآباء والأمهات مأمورون بالإحسان إليهم وحسن التعامل معهم والصبر عليهم فهم ضيوف عندكم وعما قريب يكبرون ويكونوا أسر مستقلة فكونوا خير قدوة لهم وخير محضن يرويهم معاني المحبة والود وتقدير المسؤولية وغيرها من القيم الإسلامية الجميلة ..أبناؤنا وبناتنا ليسوا عبيدا عندنا هذه القاعدة التي يجب أن يضعها الآباء والأمهات نصب أعينهم عند التعامل مع الأبناء والبنات .
ثم ما المانع أن تواكبوا لغة العصر أيها الآباء والأمهات ، اللغة التي أصبح الأبناء يتعاملون بها ويتعلمون منها في هذا الزمن وأعني التقنية الحديثة ، لنكف عن الظنون السئية فالتقنية الحديثة فيها أشياء جميلة ومفيدة ، (أتكلم عن تجربتي مع التقنية ) ولا يعني ذلك أنه لايوجد سلبيات في التقنية بل توجد سلبيات تُعالج ، لكن لنعمم الخير ونتجاهل الشر ونميته بعدم نشره وتعميمه على كل العائلات فكثير من مجالس الآباء والأمهات تعج بسوالف التخويف والتهويل والقصص المزعجة وأسالوا أهل الواتساب عن كمية الرسائل المفجعة التي تأتيهم يوميا فتقلق راحتهم وتنغص سعادتهم الأسرية ، لنكن أكثر ذكاء وتفاؤلا وإيجابية ونعلم أبناءنا وبناتنا ونتعلم معهم ومنهم حسن الاستخدام ، ما المانع أن نصادق أبناءنا وبناتنا في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة (كتويتر وفيسبوك وانستقرام وغيره) نعقد صداقة معهم عبر هذه الوسائل ، وليس تجسسا عليهم ، احذروا من التجسس فهو مدمر للعلاقة بينكم ، راقبوا نواياكم أيها الآباء والأمهات ، قال تعالى (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) لتكن نوايانا حسنه في مصادقتهم عبر هذه الوسائل ، لنبتعد عن فرض السلطة الوالدية في كل وقت وكل مناسبة ، لنصادقهم ونواكبهم ونخالطهم ونفهمهم أكثر ونعرف ما يتزاحم في خواطرهم من شجون وهموم ونتحملهم ونصبر على تعليمهم وتثقيفهم ونتفنن في إيجاد الوسائل المحببة لهم والمؤثرة عليهم الموجهة لسلوكهم ونعالج القصور الذي لدينا في توصيل المعلومة لهم . لنبتعد عن فكرة أن الصواب عندنا فقط لأننا نملك خبرة السنين ، وأن الأبناء لا يحسنون صنع شيء ولا يفهمون جيدا لأن تجربتهم في الحياة قصيرة ، لنفكر بطريقة أخرى ونمزج هذه الخبرة التي لدينا بإبداع الأبناء وابتكاراتهم وقدراتهم العالية ..ستكون النتائج مبهرة بإذن الله.
أخيرا : أبناؤنا وبناتنا فيهم خير كثير وقدرات ومواهب رائعة تحتاج حسن التفهم لها وأن ندعمهم ، ونحن إن قمعناهم وأقصيناهم وسفهنا قدراتهم وانتقصنا احتياجاتهم واحتقرنا أسلوبهم الطبيعي العفوي في الحياة ، خسرناهم وندمنا كثيرا حينها لن ينفعنا الندم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة