التقدم نحو الجهل

حقيقةً مادعاني لكتابة هذا المقال واختيار هذا العنوان مالمسته من خلال مشاهداتنا اليومية من سلوكيات هي اقرب للجهل والتخلف منها للرقي والمعرفة ، وان كانت في نظر أصحابها دليل على المواكبة الحضارية والرؤية الثاقبة إلا أنها في حقيقة الأمر
 خلاف ذلك وهي أقرب للجهل وضعف الوعي بل ربما انعدامه عند البعض ، وبالرغم اننا في زمن ثورة المعلومات وسهولة انتقال العلم والحصول عليه الا اننا نجد تخلفا ملحوظا في جوانب الحياة الانسانية والاجتماعية* وكأننا في بعض المواقف لم نتعلم ،واصبح هناك بونا شاسعا بين النظرية والممارسة ، نقرأ ونعيد ارسال عشرات الافكار والحكم والفوائد في اجهزتنا دون أن نطبقها في حياتنا الواقعية *حتى أصبحنا نتقدم نحو الجهل دون أن نشعر ، *مثال ذلك :
المباهاة الاجتماعية في المناسبات والاحتفالات شيء لايكاد يصدقه عقل كيف تنفق تلك الالوف من اجل حفلة عيد ميلاد أو تخرج طفل من الروضة لم يدخل المدرسة بعد ! وطبعا هناك مسميات لحفلات أخرى يتم التسابق لاجل الابتكار والتميز فيها بين فلانة وفلانة من الناس !!وتصبح حديث وسائل التواصل الاجتماعي ، وبدل أن تستثمر هذه الوسائل التقنية في المفيد النافع ولابأس بقليل من اللهو المباح ، نجد أنها اشغلت العالم بسخافات تصوير الطعام وتجهيزات تلك الحفلات...* !!

ومن صور التقدم نحو الجهل :

التوتر الذي يشوب العلاقات الاجتماعية بين الافراد ، بل بين أفرد الأسرة الواحدة ، وكأننا لم نتعلم أن تبسمك في وجه أخيك صدقة ، وأن من تواضع لله رفعه، وأن خيركم خيركم لأهله ، وأن الرفق ماكان في شيء إلا زانه ، وأن من ستر مسلما ستره الله ،،.وغيرها من النصوص النبوية المشبعة بالقيم والأخلاق والتي تعلمناها في المدرسة ، ولكن البعض للاسف في زمن المعلوماتية يتقدم نحو الجهل بها بقوة ..!

ومن صور التقدم نحو الجهل :

النظرة القاصرة المشوشة للأمور والمبنية على صورة ذهنية معينة ، والحكم المسبق بضرر كل ماهو جديد مخالف لما تعودنا عليه *بلا يقين وبصيرة أو تجربة موثقة* ،* وتبني ثقافة الاتهام و محاولة اسقاط التجارب السيئة *على أي تجربة جديدة ورفضها ، . وربما يزيد معيار الجهل لدى هؤلاء فيحملوا روح العدائية و سوء الظن بالاخرين لمجرد ان الاخرين خالفوا نمط الحياة التي يعيشها اولئك ، واختاروا لأنفسهم نمط حياة خاصة بهم *بالرغم أنهم لم يرتكبوا محظورا* يغضب الله ، وهذا من الجهل المركب الذي ينغمس فيه صاحبه دون أن يشعر حتى لو كان صاحبه يحمل أعلى الشهادات الجامعية.

ومن وجهة نظري للخروج من مأزق هذا النوع من الجهل :

التعلق بالله عز وجل وسؤاله الهداية لأحسن الأخلاق والأعمال *والبعد عن سيئها ، تدريب النفس على فضائل الاخلاق وارغامها عليه حتى لو كان تكلفا في البداية ثم مع الممارسة والصبر يصبح الخلق الحسن طبيعة في تلك النفس ، كثرة الاطلاع وقراءة الكتب المفيدة المتفائلة والتجارب الايجابية والبعد عن التشاؤوم والتجارب السلبية والقصص المحبطة ، وطرد حديث النفس في الافكار السلبية بالاستعاذة من الشيطان الرجيم .

حمانا الله واياكم من كل سوء ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة